تقنية سجل (DLT) هي البنية التحتية التكنولوجية والبروتوكولات التي تتيح الوصول المتزامن والتحقق وتحديث السجلات عبر قاعدة بيانات شبكية، تقنية سجل سجل DLT الموزع هي التقنية التي تُبنى عليها سلاسل الكتل (blockchain)، وتتيح هذه البنية التحتية للمستخدمين الاطلاع على أي تغييرات ومعرفة من قام بها، كما تقلل من الحاجة إلى تدقيق البيانات، وتضمن موثوقيتها، ولا تتيح الوصول إليها إلا لمن يحتاجها.
تاريخ سجل DLT الموزعة
الحوسبة الموزعة ليست جديدة، فقد استخدمتها الشركات والحكومات لعقود في تسعينيات القرن الماضي، أصبح من الممكن لعدة أجهزة كمبيوتر ومستخدمين في مواقع مختلفة حل المشكلات وإعادة الحلول إلى موقع مركزي.
أدت التطورات في علوم البيانات والحوسبة والبرمجيات والأجهزة وغيرها من التقنيات إلى تعزيز كفاءة سجل DLT، وقد سمح تحسين الاتصال عبر بروتوكولات الإنترنت بجمع بيانات أكثر بكثير وتحليلها واستخدامها، ومع ذلك نظراً لإمكانية وصول العديد من المستخدمين إلى البيانات، أصبح من الضروري وجود شخص للتحقق من التغييرات.
طور علماء الحاسوب والبيانات برامج قللت من الحاجة إلى تدقيق البيانات، حيث استخدمت هذه البرامج تقنيات الأتمتة وتشفير البيانات للتحقق من معاملات قاعدة البيانات أو التغييرات في حالتها، يُطلق على هذا الإجماع – وهو اتفاق الأغلبية الآلي على صحة المعاملة، حيث تكون المعاملة ببساطة تغييراً في حالة قاعدة البيانات.
تطورت سجل DLT الموزعة إلى منصات قابلة للتوسع والبرمجة، كما هو الحال في إيثريوم وهايبر ليدجر، حيث يمكن ابتكار حلول لاستخدام قاعدة بيانات، أو دفتر أستاذ، في كل شيء بدءاً من ترميز الأصول المادية وصولًا إلى تبسيط عمليات التصنيع وغيرها من العمليات التجارية.
كيف تعمل تقنية سجل DLT؟
تتيح تقنية سجل DLT تخزين المعلومات بأمان ودقة باستخدام التشفير، ويمكن الوصول إلى البيانات باستخدام “مفاتيح” وتوقيعات تشفيرية، بمجرد تخزين المعلومات، يمكن أن تصبح قاعدة بيانات ثابتة؛ حيث تحكم قواعد الشبكة، المكتوبة في برمجة قاعدة البيانات، دفتر الأستاذ.
نظراً لكونها لامركزية وخاصة ومشفرة، فإن سجل DLT أقل عرضة للجرائم الإلكترونية، حيث يجب مهاجمة جميع النسخ المخزنة عبر الشبكة في وقت واحد لنجاح الهجوم، بالإضافة إلى ذلك فإن مشاركة السجلات وتحديثها من نظير إلى نظير يجعل العملية برمتها أسرع وأكثر فعالية وأقل تكلفة.
يخزن كل جهاز على شبكة سجل DLT نسخة من تُسمى الأجهزة “العقد”، ويمكن أن تحتوي الشبكة على أي عدد من العقد، تُسجل أي تغييرات على سجل DLT، مثل نقل البيانات من كتلة إلى أخرى، عبر جميع العقد ولأن كل عقدة لديها نسخة من دفتر الأستاذ، تنشر كل منها نسختها مع أحدث المعاملات.
إذا توصلت الشبكة إلى إجماع حول صحة سجل DLT ، والتي تُنجز المعاملات وتشفر وتستخدم كأساس للمعاملات التالية، هكذا تتطور سلاسل الكتل، حيث تحتوي كل كتلة على معلومات مشفرة حول الكتلة التالية، مما يجعل تغييرها مستحيلاً.
الصناعات التي تستخدم تقنية دفتر الأستاذ الموزع
تُنشأ دفاتر الأستاذ الموزعة لأغراض متعددة، ومن أكثرها استخداماً كمنصة للتوسع والاستخدام، ومن أشهر سجل DLT الموزعة منصة Hyperledger Fabric، وهي منصة DLT معيارية وقابلة للتوسع، استخدمتها العديد من الشركات لإنشاء حلول تغطي العديد من الصناعات، ومن بين الصناعات التي طبقت حلول DLT: الطيران، والتعليم، والرعاية الصحية، والتأمين، والتصنيع، والنقل، والمرافق.
يمكن لسلاسل التوريد الاستفادة بشكل كبير من تقنية سجل DLT الموزع، إلا أن العديد من العوامل تجعل هذه السلاسل غير فعالة وغير دقيقة، وعرضة للفساد أو الخسائر، وقد صممت شركة فوجيتسو، وهي شركة عالمية متخصصة في تكنولوجيا البيانات والمعلومات، تقنية دفتر الأستاذ الموزع لتعزيز شفافية سلسلة التوريد ومنع الاحتيال من خلال تأمين البيانات وتتبعها.
أُنشئت بورصة الأرز التابعة لشركة فوجيتسو لتداول الأرز، مع ضمان تسجيل البيانات المتعلقة بالمصادر والأسعار والتأمين والشحن والتسوية في تقنية سجل DLT، ويمكن لأي شخص معني الاطلاع على أي بيانات والعثور على معلومات دقيقة حول العملية بأكملها، نظراً لعدم إمكانية تغييرها، تُدخل المنصة جميع البيانات وتُؤمّنها تلقائياً، وستُوفّر في نهاية المطاف معلومات تتبّع حاويات شحن الأرز أثناء شحنها إلى وجهاتها النهائية.
استخدامات تقنية سجل DLT
إلى جانب قطاعات محددة، هناك أيضاً حالات محددة أثبتت فيها حلول دفتر الأستاذ الموزع قيمةً مضافة، من أمثلة استخدامات تقنية سجل DLT:
تسجيل المعاملات: تُتيح تقنية دفتر الأستاذ الموزع معاملات آمنة وشفافة ولامركزية دون الحاجة إلى سلطة مركزية، ولأنها تقنية سجل DLT فهي تسجل المدخلات والمخرجات، ورغم أن هذه التقنية تناسب السجلات المالية بشكل طبيعي، إلا أنها تسجل أي نوع من المعاملات، وليس فقط المعاملات المالية.
تأمين الهويات: يمكن استخدام تقنية دفتر الأستاذ الموزع لإنشاء هوية رقمية آمنة ومضادة للتلاعب للأفراد، حيث توفر هذه التقنية طريقةً موثوقةً للتحقق من الهويات ومنع سرقة الهوية.
جمع الأصوات: يمكن استخدام تقنية سجل DLT لإنشاء نظام تصويت آمن وشفاف يمكنه منع تزوير الناخبين وضمان نزاهة عملية التصويت، كما ذكر سابقًا، عند تسجيل المعاملات (المالية وغير المالية)، يحفظ سجل شفاف وثابت ومفتوح للتفاعلات مع المستخدمين، وهذا يعزز عدالة ومصداقية مجموعة الآراء.
إدخال العقود: تتيح تقنية (DLT) العقود الذكية، وهي برامج تنفَذ أو تكمل تلقائياً بناءً على الظروف السائدة، على سبيل المثال قد تفرج مطالبة التأمين عن الأموال تلقائياً بمجرد معالجتها والموافقة عليها، هذا يحد من الأخطاء، وتصعب تقنية (DLT) على الجهات المسيئة تعديل المعلومات.
إثبات الملكية: يمكن استخدام تقنية (DLT) لتسجيل معاملات الملكية، مما ينشئ سجلًا شفافاً ومحصنا ضد العبث للملكية ونقلها، على الرغم من وجود بعض القيود على ترجمة الملكية الفعلية للأصول المادية إلى سجل موزع، إلا أن هذا السجل قد يكون قادراً على نقل مصدرٍ ثابتٍ للحقيقة فيما يتعلق بالملكية.
مزايا وعيوب تقنية سجل DLT
مزايا تقنية سجل DLT
تتميز تقنية (DLT) بالعديد من المزايا مقارنةً بأنظمة سجل DLT المركزي التقليدية، ولأنها نظام لامركزي، لا توجد نقطة تحكم مركزية أو نقطة عطل، وهذا يجعلها أكثر مرونة في مواجهة الهجمات وأقل عرضة للأعطال على مستوى النظام، كما أنها تستخدم خوارزميات تشفير لتأمين البيانات، مما يكاد يكون من المستحيل التلاعب بالسجلات أو تزويرها، وهذا يعزز موثوقية البيانات ويقلل من مخاطر الاحتيال.
تتيح تقنية (DLT) وصولاً شفافاً إلى البيانات والمعاملات، مما يتيح لجميع المستخدمين رؤية أوضح لعمليات النظام، وقد يؤدي هذا إلى زيادة تفاعل المستخدمين بفضل شفافية السجلات ومساءلتها.
يمكن لتقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT) تبسيط العمليات من خلال إزالة الوسطاء وأتمتة المعاملات من خلال العقود الذكية. ولأن العقود الذكية قد تُنفذ تلقائياً عند استيفاء شروط العقد، فقد تقل الحاجة إلى التفاعل البشري أو الإدارة. وهذا بدوره يقلل التكاليف ويزيد الكفاءة.
وأخيراً، يمكن لتقنية (DLT) أن تمكن من تحقيق شمول مالي أكبر، قد لا يتمكن بعض الأشخاص من الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية، ونظراً لأن تقنية دفاتر الحسابات الموزعة (DLT) تعتمد غالباً على اتصال الإنترنت فقط، فقد يتمكن الأفراد الذين قد تكون خدماتهم محدودة لولا ذلك من الوصول إلى مجموعة أكبر من الخدمات. ويمتد هذا إلى استخدام منصات وشبكات مختلفة من خلال التوافق التشغيلي.
عيوب تقنية (DLT)
نظراً لحداثة تقنية (DLT)، لا تزال لها عيوب كبيرة فهي لا تزال معقدة ويصعب تطبيقها وصيانتها، وغالباً ما يتطلب الاستفادة من هذا الحل معرفة وخبرة متخصصة، وخاصةً في التنفيذ.
قد تواجه تقنية (DLT) صعوبات في قابلية التوسع مع زيادة عدد المشاركين والمعاملات، ونتيجة لذلك قد تؤدي عملياتها إلى بطء في قدرات المعالجة أو ارتفاع تكاليف الاستخدام، بالإضافة إلى ذلك تتطلب بعض تقنيات (DLT)، مثل بيتكوين التي تحقق قدراً كبيراً من الطاقة للحفاظ على الشبكة ومعالجة المعاملات، وقد يكون لذلك آثار بيئية سلبية.
قد يؤدي نقص التنظيم والتوحيد القياسي في صناعة سلسلة الكتل (blockchain) (سلاسل الكتل مشتقة من تقنية دفاتر الحسابات الموزعة) إلى مخاطر على المستخدمين والمستثمرين. بالتبعية، تتطلب تقنية (DLT) انتشاراً واسعاً لتكون فعّالة، وقد تتردد العديد من القطاعات والمؤسسات في تبني تقنيات جديدة بسبب هذه المخاوف الأمنية.
قد تكون دفاتر الحسابات الموزعة غير قابلة للتغيير، إلا أن هذه الميزة لها جانب سلبي كبير، وهو أنه في حال حدوث أخطاء، لا يمكن تغييرها إلا بوجود مستخدمين مخولين بذلك، في تقنية سجل DLT العامة، مثل سلسلة كتل بيتكوين، قد يُمثل هذا مشكلة على سبيل المثال إذا أدخل مستخدم عنواناً خاطئاً في محفظته وأرسل بيتكوين إلى الشخص الخطأ، فلن يتمكن من عكس المعاملة.
